الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.عساكر مصر وحرب الإفرنج - مسير العساكر من مصر لحرب الإفرنج. لما بلغ خبر الواقعة إلى مصر جمع الأفضل الجيوش والعساكر واحتشد وسار إلى عسقلان وأرسل إلى الإفرنج بالنكير والتهديد فأعادوا الجواب ورحلوا مسرعين فكبسوه بعسقلان على غير أهبة فهزموه واستلحموا المسلمين ونهبوا سوادهم ودخل الأفضل عسقلان وافترق المنهزمون واستبد وابخر الحمير ووصل الأفضل من عسقلان إلى مصر ونازلها الإفرنج حتى صانع أهلها الإفرنج بعشرين ألف دينار وعادوا إلى القدس..إيقاع ابن الدانشمند بالإفرنج. كان كمستكين بن الدانشمند من التركمان ويعرف بطابوا ومعنى الدانشمند المعلم كان أبوه يعلم التركمان وتقلبت به الأحوال حتى ملك سيواس وغيرها وكان صاحب ملطية يعاديه فاستنجد عليه إسمند صاحب إنطاكية فجاءه في خمسة آلاف وسار إليه ابن الدانشمند وأسره ثم جاء الإفرنج إلى قلعة أنكوريه فملكوها وقتلوا من بها من المسلمين ثم حاصروا إسمعيل بن الدانشمند فلقيهم كمستكين وهزمهم واستلحمهم وكانوا ثلثمائة ألف ثم ساروا إلى ملطية فملكوها وأسروا صاحبها وزحف إليه إسمند من إنطاكية في الإفرنج فهم بهم ابن الدانشمند فأتاح الله للمسلمين على يده هذا الظهور في مدد متقاربة حتى خلص إسمند من الأسر وجاء إلى إنطاكية والإفرنج بها وبعث إلى قيس العواصم وما جاورها يطلب الإمارة فامتعض المسلمون لذلك وقلدوه بعد العهد الذي التزمه..حصار الإفرنج قلعة جبلة. كانت جبلة من أعمال طرابلس وكان الروم قد ملكوها وولوا على المسلمين بها ابن رئيسهم منصور بن صليحة يحكم بينهم فلما صارت للمسلمين رجع أمرها لجمال الملك أبي الحسن علي بن عمار المستبد بطرابلس وبقي منصور بن صليحة على عادته فيها ثم توفي منصور فقام إليه أبو محمد عبد الله مقامه وأظهر الشماتة فارتاب به ابن عمار وأراد القبض عليه فعصى هو في جبلة وأقام بها الخطبة العباسية واستنجد عليه ابن عمار دقاق بن تتش فجاءه أتابك طغركين فامتنع عليهم ورجعوا ثم جاء الإفرنج فحاصروها فامتنعت عليهم أيضا وشاع أن بركيارق جاء إلى الشام فرحلوا ثم عادوا وأظهروا أن المصريين جاءوا لإنجاده فرحلوا ثم عادوا فتقدم للنصارى الذين عنده أن يدخلوا الإفرنج في نقب البلد من بعض أسواره فجهزوا إليهم ثلثمائة من أعيانهم فرفعهم بالحبال واحدا وهو قاعد على السور حتى قتلهم أجمعين فرحلوا عنه ثم عادوا إليه فهزمهم وأسر ملكهم كبرانيطل وفادى نفسه منه بمال عظيم ثم ابن صليحة وجهده الحصار فأرسل إلى طغركين صاحب دمشق وبعث ابن عمار في طلبه إلى الملك دقاق على أن يدفعه إليه بنفسه دون ماله ويعطيه ثلاثين ألف دينار فلم يفعل وسار ابن صليحة إلى بغداد فوعده إلى وصول رحلة من الأنبار فبعث الوزير من استولى عليها فوجد فيها ما لا يحصى من الملابس والعمائم والمتاع وانتزع ذلك كله ولما ملك تاج الملوك جبلة أساء فيها السيرة فراسلوا فخر الملك أبا علي بن عمار صاحب طرابلس واستدعوه لملكها فبعث إليهم عسكرا وقاتلوا تاج الملك ومن معه فهزموه وأخذوه أسيرا وملكوا جبلة بدعوة ابن عمار وحملوا تاج الملك إلى ابن عمار فأحسن إليه وبعث إلى أبيه بدمشق واعتذر له بأنه خاف على جبلة من الإفرنج..استيلاء الإفرنج على سروج وقيسارية وغيرهما. ثم سار كبر يرى ملك الإفرنج من بيت المقدس سنة أربع وتسعين لحصارها فأصابه منهم سهم فقتله فسار أخوه بغدوين في خمسمائة فارس إلى القدس ونهض دقاق صاحب دمشق ومعه جناح الدولة صاح بحمص لاعتراضه فهزموا الإفرنج وأثخنوا فيهم ثم كاتب أهل مدينة الإفرنج وكان أكبرهم ودخل في طاعتهم وكان سقمان بن أرتو صاحب سروج جمع جموعه من التركمان وسار إلى الرها فلقيه الإفرنج وهزموه في ربيع سنة أربع وتسعين وساروا إلى سروج فحاصروهم حتى ملكوها عنوة واستباحوها ثم ملكوا حصن كيفا بقرب عكا عنوة وملكوا أرسوف بالأمان ثم ساروا في رحب إلى قيسارية فملكوها عنوة واستباحوها والله تعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه.
|